النساء المصريات ..طموح مرتفع وتحديات أعلى!
استثناء لمعظم المجتمعات القديمة الأخرى، حققت المرأة المصرية الفرعونية المساواة مع الرجل المصري.؛ حيث كانوا يتمتعوا بنفس الحقوق القانونية والاقتصادية، على الأقل من الناحية النظرية، وهذا المفهوم يمكن العثور عليها في الفن المصري والمخطوطات المعاصرة.الا إننا اذا نظرنا الى العصر الحديث؛ فلا يزال وضع المرأة المصرية فى حالة أقل من طموح الشابات المصريات ،برغم ثورتين فى 2011 و2013 ، حيث لا تزال أوضاع النساء ليست فى أفضل أحوالها وفقاً لما تتبناه المصريات من أحلام وطموحات ؛ فعلى سبيل المثال فإن نسبة الأمية بين النساء المصريات لا تزال 32.5%، كما أن مشاركة النساء فى الحياة العامة والسياسية لا تزال مقيدة بمجموعة من التقاليد والقيم الموروثة ،والتى لم تطلها موجة التغيير التى وقعت فى مصر خلال السنوات الثلاث الماضية ، ولم يتم إدماج المرأة بشكل حقيقى وكافى فى عملية الإصلاح الديمقراطى ، وبرغم أن المرأة المصرية تولت منصب وزير عام 1962 ، ومن وقتها لم تخلو وزارة مصرية من وزيرة ،إلا أن عددهن لا يتجاوز الثلاثة أو أربع وزيرات فى كل مرة على أكثر تقدير ، والوزارة الحالية شهدت تولى أربع وزيرات ضمن 33 وزارة ، أى بنسبة 12% فقط ، ووفقاً للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ، لا تزال نسبة الإناث المعينات في منصب نائب وزير حوالى 18.2 %، و اللاتي يشغلن وظائف الإدارة العليا في الجهاز الإداري للدولة حوالى 15 % .
واحتلت مصر المركز الأول على مستوى تراجع المكانة السياسية للمرأة ،حيث وصلت الى المركز 126 للعام2012 وفقاً لمؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى ، واحتلت المركز الأخير من حيث تقلد المرأة لمنصب المحافظ بواقع صفر، وبالنسبة لانحدار إتاحة الفرص الاقتصادية للنساء احتلت مصر المركز 80 من بين 128 دولة،وفقاً لتقرير مجلة الإيكونوميست عن الفرص الاقتصادية للنساء عام 2012 ، ووفقاً لمؤشر الفجوة فقد احتلت المرتبة 124 من 132 من حيث الفرص والمشاركة الاقتصادية للمرأة ،ووصلت نسبة البطالة بين النساء لأربعة أضعاف البطالة بين الرجال ،وتحتل مصر المرتبة 99 من بين 113 على مستوى وصول المرأة للمناصب الإدارية العليا والمديرين وفقاً للمؤشر نفسه.
كما تشهد الساحة المصرية الآن صراعاً قوياً بين المجلس القومى للمرأة ،ومجلس قضايا الدولة ، بسبب رفض الأخير قبول نساء للعمل كقاضيات فيه ،وهو الأمر الذى أتاحه الدستور المصرى الجديد ، كما أن المرأة المصرية سبق وتولت منصب قاضى منذ العام 2005 حين بدأت 32 امرأة مصرية العمل فى القضاء ،وتولت المستشارة تهانى الجبالى منصب قاضى فى المحكمة الدستورية العليا ، أعلى جهة قضائية فى مصر؛إلا أن مجلس قضايا الدولة لا يزال يرفض قبول النساء.
وتواجه المرأة المصرية الآن تحديات كبيرة ،فى سبيل أن تحتفظ بحقوقها السابقة على قيام الثورة ، وتحصل على حقوق تساوى مشاركتها فيها ، وتعوق تلك التحديات إندماجها فى الحياة العامة ، ومن هنا جاء برنامجى "مشاركة المرأة فى الحياة العامة " و"سبرينج بورد" اللذان يندرجان ضمن برنامج "المواطن الفعال"، الذى ينظمه المجلس الثقافى البريطانى، بالتعاون مع جمعيات تعمل مع النساء فى مصر،لأجل تدعيم مشاركة المرأة فى الحياة العامة ، وخلق آليات لتمكين النساء تضمن إيصال أصواتهن لمراكز صنع القرار ، وضمان أن يحصلن على أماكن فى تلك المراكز ، وربما أن النساء المستفيدات من هذه البرامج يصبحن هن أنفسهن عضوات فى البرلمان والاتحادات المحلية وربما وزيرات بعد سنوات قليلة .
من أقصى الجنوب إلى كتابة الدستور
وصلت الخدمات التى يقدمها المجلس إلى أقصى جنوب مصر ، فقد قدم برنامج "سبرينج بورد" خدماته إلى نساء أسوان والنوبة، وهى فئة تعتبر محرومة من هذه النوعية من الخدمات، التى تدعم مشاركة المرأة فى الحياة العامة ، بسبب إهمال تلك المناطق فى برامج التنمية ، حيث توجد فى مصر أربع وأربعين قرية نوبية تخدمها أربعون جمعية أهلية توجد جميعها فى القاهرة والإسكندرية ، وتقدم خدماتها من خلال أفرع فى القرى ، كما توجد خمس نوادى نوبية فى القاهرة والإسكندرية والاسماعيلية والسويس وأبو سمبل ،تصل الأنشطة بصعوبة إلى القرى النوبية ، مما يؤثر سلباً على المرأة، كما أن العادات والتقاليد تقف حائلاً بين استفادة المرأة النوبية من أنشطة التمكين التى تقدمها جمعيات فى مناطق أخرى من مصر ؛ لذا فإن مشاركتها العامة ضئيلة، فى حين أن طموحات الفتيات هناك تصل إلى أعلى سقف.
نجلاء أبو المجد: إن المرأة المصرية في حاجة إلى مساعدة لاكتشاف ذاتها وتشجيعها على الترقَّي إلى مرتبة القيادة. فإننا لم نشهد قط امرأة تتولى رئاسة دولة، أو وزارة، أو حكومة. لذلك، أعتقد أننا قد نشهد النساء يتقلدن هذه المناصب في المستقبل، إذا ما توسعنا في تقديم هذا البرنامج.
وفي حين لم يكتشف أحد تلك النساء، فإن هذا البرنامج يساعدهن على اكتشاف ذواتهن. وأعتقد أنه بمشاركتهن في هذه الدورة، سيتمكن التعبير عن ذواتهن بصورة أفضل كثيرًا. وهو ما رأيناه في كل واحدة منهن بعد أن أكملت البرنامج . نجلاء أبو المجد (إحدى المشاركات في برنامج سبرينج بورد، والممثلة الرئيسية في "لجنة متابعة الملف النوبي"، التي تمثل المجتمع النوبي في دستور مصر. قرية نصر النوبة، النوبة.
من فتيات مهمشات إلى مدربات لكرة القدم
من خلال نشاط المجلس ، تم منح الفرصة لفتيات لممارسة حقهن فى الرياضة وبالذات فى مناطق مهمشة وفى المحافظات، كمنطقة أرض اللواء فى الجيزة ، الفتيات اللاتى يهوين كرة القدم ؛ واتتهن الفرصة للتدرب كى يصبحن مدربات معتمدات لكرة القدم ، فقد أتاح المجلس لهن التدريب على يد مدربين من اتحاد الدورى الانجليزى الممتاز ،وأصبحت هؤلاء الفتيات اللاتى كن بلا عمل ولا فرص للمشاركة فى الحياة العامة ، مدربات محترفات لكرة القدم ،فى النوادى الرياضية الشهيرة فى منطقة حلوان وضواحيها ،بل أنهن لم يكتفين بالحصول على شهادات معتمدة والعمل فى نوادى رياضية شهيرة ؛وإنما شعرن بدورهن اتجاه المجتمع ، وضرورة المساعدة فى توفير الفرص للفتيات فى المناطق الأقل حظاً لممارسة كرة القدم ، وبمنحة مالية بسيطة استطاعت "فايزة حيدر" ، أن تدرب فتيات المدارس الإعداية الحكومية ، بمنطقة حلوان وضواحيها ،وأن تؤسس فرقاً لكرة القدم بتلك المدارس، وأن تجعل أهالى الفتيات يؤمن بضرورة ممارسة بناتهن للرياضة ، ويحرصن على إشراك بناتهن فى تلك الفرق ، واللاتى هن فى الحقيقة بلا فرص للاشتراك فى نوادى رياضية .
مواطنات فاعلات بأفكار مبتكرة
يعمل المجلس الثقافى البريطانى على مدار سنوات طوال على تنمية المرأة من خلال مشاركته مع منظمات المجتمع المدني الذي والتى يتم من خلاله تنفيذ برنامج "مشاركة المرأة فى الحياة العامة" ، وأحد أهدافه تنفيذ برنامج المواطن الفعال، حيث يعمل المجلس مع عدد كبير من النساء فى مناطق مختلفة فى أنحاء مصر في أكثر من إثنتا عشر محافظة تشمل وجه قبلي حتى أسوان ووجه بحرى وبعض محافظات الدلتا والبحر الأحمر وفى مناطق متعددة فى العاصمة وضواحيها، وذلك فى محاولة لتقديم الخدمات فى أوسع مساحة جغرافية ممكنة للفئات المهمشة، وقام المجلس من خلال شركائه بعمل عدد من التدريبات والورش لأجل تمكين النساء وتعريفهن بآليات التفاعل المجتمعى ، وتعليمهن مهارات الاتصال والتفاوض ، والقدرة على اكتشاف المشكلات ووضع آليات لحلها، وطرق ابتكار وتنفيذ مبادرات محلية، وجاءت تطبيقات ذلك ناجحة، من خلال أفكار مدهشة للنساء المشاركات، والتى كانت أغلبهن فى المرحلة الجامعية .
هبة – 20 عاماً ،المنيا:
" كنت خجولة فى السابق ،لكن تفاعلى مع زميلاتى المتدربات شجعنى جداً على أن أقوم بدوري في الشرح والتوعية ، ووجود المدربين معنا خلال الزيارات أعطاني مزيداً من الثقة بالنفس، وجعلوني أدرك قدرتي على القيام بدوري في توعية سيدات القرية بأهمية التنشئة السياسة والمشاركة، فلم أعد سلبية كما كنت وتخلصت من الخجل الزائد والخوف من التعامل مع الآخرين".
منار محمد – 22 سنة –، من المنصورة
،بعد مشاركتها فى تدريبات مواطنون فاعلون ،قامت بتنفيذ مبادرة عام خالي من الإدمان فى منطقة عزبة عرب الوالدة فى حلوان ، تهدف لتأهيل الشباب لعمل جلسات توعية بالإدمان ومخاطره. "نمى المشروع مهاراتي الإتصالية مع كل الفئات، لإننا كنا نشعر بالخوف لمواجهة الأخرين وكيفية التواصل مع الناس، و أيضاً تمكنت من خلاله للنزول والتعامل مع المجتمع و تحديد كيف يمكن أن أساهم وأكون مفيدة لمجتمعى بصورة إيجابية وأن لا يقتصر مجهودى على حضور ندوات من غير تنفيذ أو تطبيق، و أهم شيء تعلمته هو كيفية أن أقوم بتوصيل رسالتي للناس بطريقة صحيحة"
سعاد حسن فهمى 24 سنة – خريجة كلية العلوم
عضوة فى مبادرة المساهمة في خلق أجيال مُبدعة ، وهى مبادرة استهدفت محاربة الأمية عند طلبة المدارس الابتدائية ، وتنمية مهاراتهم ،وتدريبهم على المشاركة المجتمعية ، وتحفيزهم لاستكمال دراستهم ، تقول سعاد عن تأثير حضورها للمواطن الفعال ، على مشاركتها فى المبادرة : "تعلمت كتابة المشروعات وعمل دراسات الجدوى والميزانية، والعمل والإنتاج تحت ضغط ، وكيفية ابتكار مبادرات مجتمعية تحل مشاكل المنطقة التى أعيش فيها ".
شيماء سعد الدين كمال - 21 سنة- خريجة كلية الآداب
عضوة فى مبادرة مسرح المقهورين، وهى مبادرة استهدفت استخدام الفن للتعبير عن مشاكل المرأة ، من خلال التمثيل المسرحى ، تقول شيماء : " بدأت من خلال "المواطن الفاعل" أتقبَّل آراء الآخرين، وبدأت أبحث عن المنفعة ليست التي ستعود عليّ فقط، ولكن التي ستعود على المجتمع ككل ،وفي حين أفادني التدريب على المستوى الشخصي في إجراء حوار بنّاء وفعال، أفادني أيضاً على المستوى المهني و "مسرح المقهورين" هدفه أن نُشرك مجموعة من النساء في قضايا العنف ضد المرأة في العمل والشارع والبيت ليفكرن في حلول لهذه القضايا أو المشكلات ،وأنا سعيدة لإشتراكي في مبادرة "مسرح المقهورين" لأنني أصبحت بسببها قادرة على التعبير عن رأيي بحرية وبدون خوف ، كما أن اشتراكي فيها وفي تدريب "المواطن الفاعل" شجعني على الدخول مع زملائي في التدريب في مبادرة مجتمعية أخرى".