بقلم مستشار التعليم والتنمية الاجتماعية د. فيليب باول-دافيس

يعيق غياب المساواة أي تقدم في النظام التعليمي بشكل كبير، وهو ما يظهر جلياً في الفقر والفجوات بين المناطق الريفية والحضرية. وفي كثير من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فحوالي ثلث السكان من الفئة العمرية التي يفترض أن تكون ملتحقة بالمدارس في المرحلة الأساسية ليسوا على مقاعد الدراسة، وتمثل الفتيات نسبة غير متكافئة من أولئك المتسربين من المدارس. بالنسبة للكثير من الأطفال في المنطقة (وللفتيات على وجه الخصوص)، فإن التعليم لا يزال قضية شائكة، ففي الوقت الذي قد يكون الوصول إلى التعليم قد شهد تحسناً ما، فلا يزال هناك بعض التحديات الجدية المتعلقة بجودة التعليم المقدم (تدريس ضعيف ينتج عنه تحصيل تعليمي بمستويات متدنية) والتقارب بين الجودة في المناطق الريفية والحضرية، وبالعلاقة بين توفير الخدمات الأساسية ومدى تلبيتها للحاجات أو الطلب. إن تدني جودة التعليم وغياب القدرة على الوصول إليه في المدارس الحكومية يؤديان إلى أعداد كبير من الشباب العاطلين عن العمل الذين يملكون قليلاً من فرص التعليم والتدريب المهني والمرتبط بتنمية المهارات. أما الفتيات والنساء، فيتم في كثير من الأحيان توجيههن إلى أكثر أنماط العمالة ضعفاً، ويفوق عدد الرجال النساء في الوظائف المدفوعة. 

وأمام هذا الواقع، فإن تدريس وتعلّم اللغة الإنجليزية في الأنظمة التعليمية يتسم بما يلي: 

  • ضعف تدريب ودعم المعلمين
  • غياب إطار عمل متناسق حول تطوير المعلمين المستمر
  • مناهج وكتب دراسية بالية غير مناسبة للعصر
  • نموذج تدريس مبني على التلقين يركز بشكل ضئيل على التواصل والمقاربات التي تركز على الأطفال.

وتتصف المخرجات التعلمية في الإنجليزية -إن تم تقييمها بالأساس- بأنها ضعيفة جداً، وهي مشابهة للمخرجات التعلمية الضعيفة أيضاً في الرياضيات والعلوم. ومن هنا، فليس من قبيل الصدفة أن يركز التخطيط في قطاع التعليم في المنطقة على آليات تحسين المخرجات التعلمية في المواضيع التي تعتبر مواضيعاً رئيسةً مثل الرياضيات والعلوم واللغات (والإنجليزية تحديداً).

وقد يكون من الإنصاف القول بأن الحكومات وواضعي السياسات يرون بأن اللغة الإنجليزية مهمة للتنافس في نظام عالمي متأثر بالعولمة، ويكمن التحدي بشكل عام في المساعدة في خلق أجيال من الشباب القادرين على المنافسة على المستويين المحلي والدولي. وتعد عملية تدريس وتعلم اللغة العربية بغاية الأهمية في الأنظمة التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولكن من الواضح أن الإنجليزية (وبدرجة أقل الفرنسية) والطلاقة بها هي حاجة رئيسة لتمكين الشباب من تطوير كافة أنواع المهارات الأخرى التي يمكن أن تفتح أمامهم آفاق متابعة الدراسة والعمل على وجه الخصوص. 

ومن هنا، فإن دوافع الحجج التعليمية والاقتصادية الداعية للاستثمار في الإنجليزية واضحة في هذا السياق، على الرغم من أنها موضع شك من قبل البعض الذين يعتقدون أنها تلبي حاجات النخب فقط. إلى حد ما، فإن هذا الموقف يغفل الطاقة الكامنة للابتكار بواسطة الإنجليزية والتي تؤثر في تدريس وتعلم المواضيع الأخرى (الرياضيات والعلوم وتكنولوجيا المعلومات بشكل رئيسي)، والحجة المقنعة التي تفيد بأن توفير الوصول إلى الإنجليزية يفتح فرصاً لأكثر الطلبة فقراً وتهميشاً بدلاً من عزلهم. وتُوَّضح فوائد اللغة الإنجليزية بتفصيل أكبر أدناه.  

منافع اللغة الإنجليزية

إن المنفعة الرئيسة على المستوى الجزئي المتأتية من تحسين مهارات اللغة الإنجليزية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي ما سوف تشهده المكتسبات الفردية، أي أن عائد الاستثمار في تعلم الإنجليزية هو الأجر المرتفع، والذي يعزى إلى الإنتاجية الأعلى للأفراد (نسبة العمالة للمخرجات)  التي تنتج بدورها من تحسُّن مهارات التواصل. ويشمل ذلك القدرة على التواصل مع مشتري منتجات وخدمات الشركات بالإضافة إلى الاستفادة من الموارد المعلوماتية مثل الكتب والأدلة والانترنت، ويمنح ذلك الشركة الميزة التنافسية (وبالتالي الأرباح) التي تمكنها بالمحصلة من مكافأة هذه المهارات ومستويات الإنتاجية لدى الأفراد.

ومن المتوقع أن تتأثر الإيرادات والرواتب بشكل أكبر في القطاعات التي تعتمد على اللغة الإنجليزية للقيام بالعمل، والتي تضم في العادة الشركات متعددة الجنسيات والمصدرين والمستوردين الذين يتعاملون مع الأسواق العالمية ومشاريع قطاع الخدمات. وفي الحالة الأخيرة، فإن التواصل هو جزء أساسي من العمل، حيث تُنتج القيمة من خلال النشاط المرتبط باللغة والذي يشمل الإعلان والتسويق والترويج واستقبال الضيوف والزبائن وتقديم الخدمات.

وحتى في الحالات التي لا تتطلب فيها الوظيفة نفسها اللغة الإنجليزية، فقد تكون مهارات اللغة "ضرورة للدخول" أو قد يكون لديها قيمة من وجهة نظر أرباب العمل للوصول إلى الوظائف. ونظراً لأن الأثر الاقتصادي الجزئي الرئيسي الناجم عن تدخلات ممنهجة تهدف لتحسين جودة تدريس وتعلم اللغة الإنجليزية من المتوقع أن ينعكس على نمو الإيرادات، فإن تقييم ذلك خلال تنفيذ التحسينات على النظام التعليمي أمر مهم. ولا شك بأن عدد المستفيدين من هذه التدخلات سيكون كبير جداً وهم منتشرين في تجمعات سكانية ريفية وحضرية في المنطقة، إلا أن الحصول على تقدير للإيرادات على الأقل لعينة من المستفيدين / الفئات المستهدفة المحددة سوف يكون أمر ممكن على مستوى القطر. وعلى الرغم من أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة وقطاع الخدمات في دول منطقة الشرق المتوسط غير متكافئة وقد لا تكون قد وصلت إلى درجة النمو الكافية، فإن النظر على المدى البعيد يشير إلى أنها سوف تشهد نمواً محتملاً مع تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والتنمية وتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة نتيجة تحسن المناخ الاستثماري والتحول من الزراعة إلى الخدمات الصناعية.

أما على المستوى الكلي، فالقدرة اللغوية لا تعتبر عنصراً أساسياً في تنمية رأس المال البشري (مع تصدر الوصول إلى المرحلة الأساسية والإعدادية والمرحلة الثالثة والبقاء في المدرسة قائمة أولويات معظم صانعي السياسات)، إلا أنه يجب النظر إلى هذه المهارة من منظور التنمية البشرية بصفتها واحدة من مجموعة مهارات مكتسبة من خلال التعليم والتدريب والتي ترفع من إنتاجية الفرد الممكنة.

ويحقق "رأس المال اللغوي" ثلاث خواص من تنمية رأس المال البشري: 

  1. أنه يتجسد في الشخص
  2. أن إنشاءه مكلف (من ناحية التكاليف المالية وتكلفة الوقت) وينتج عوائد على مدار فترة بعد تكبد تكاليف الاستثمار
  3. أنه منتج.

إن العلاقة الطردية بين تحسين رأس المال البشري والنمو الاقتصادي هي علاقة راسخة، حيث يحصل أرباب العمل على وفر أكبر من المهارات مقابل حجم عمل معين، مما يزيد من الكفاءة والمخرجات.

وفي حال نجاجها، فإن الاستثمارات طويلة الأمد من أجل تحسين تدريس وتعلم الإنجليزية في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار فترة تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات قد تحسن قدرة الأعمال على التجارة، وبالأخص التصدير، مما يؤدي إلى النمو. ويميل التجار إلى استخدام لغة العملاء في الوجهة التي يريدونها لمنتجاتهم، لذلك فإن تحسين مهارات اللغة الإنجليزية قد يساعد التجار على فهم وتلبية حاجات زبائنهم وتحقيق شروط الاستيراد ومواصفات الدول المستهدفة، والتفاوض بشكل أفضل على شروط التجارة، بل وحتى في الحالات التي تكون فيها هذه الصادرات (والواردات) ليست متجهة (أو قادمة) من دول تتحدث الإنجليزية، فعلى الأغلب ستكون الإنجليزية هي لغة التواصل المشتركة والأنسب للتبادل التجاري. وبالنسبة لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذا أمر مهم في ظل أهمية قطاعي التصدير والاستيراد في الاقتصاد، حيث شهدا نمواً على مدار العشر سنوات الماضية في اتجاه يجسد المزيد من الانفتاح نحو الاقتصاد العالمي. 

في عالم متأثر بالعولمة، لا يوجد دولة تستطيع أن تبقى في عزلة بل أصبحت الدول مضطرة للتنافس، وتكون قادرة على تحقيق أكبر فائدة ممكنة من البيع والشراء في العالم من خلال امتلاك المعرفة الكافية ببيانات التجارة والإجراءات التي تكون في الغالب باللغة الإنجليزية، كما لا يمكن إنكار أهمية إحصائيات التجارة الخارجية للتخطيط المتعلق بالتنمية الاقتصادية وتشكيل السياسات التجارية وإجراء المفاوضات التجارية وعقد الاتفاقيات الثنائية والإقليمية والدولية لترويج التجارة. من هنا، وفي ظل نمو أنماط التجارة مع الدول الغربية التي تتحدث بالإنجليزية، فمن المنطقي جداً أن تتقن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللغة الإنجليزية. وفقاً لتقرير البنك الدولي السنوي "Doing Business" لعام 2014/2015، فإن مؤشرات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد تحسناً تدريجياً مما يسهل تبادل الأعمال مع معظم اقتصاديات المنطقة. وبما أن كل الإجراءات التي تشمل تعبئة النماذج ومتطلبات الريادة وقواعد البيانات هي باللغة الإنجليزية، فإن المزيد من إتقان اللغة سوف يساعد في جذب فئة أوسع من المجتمع لبدء أعمال وجذب زبائن أجانب، مما يعني على المدى البعيد أن تصبح الريادة أكثر شموليةً. وعلى وجه الخصوص، فإن تحسين مهارات اللغة الإنجليزية إلى جانب تكاليف العمالة المتدنية بشكل عام تساعد في تحويل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى وجهة للمهارات المستخدمة من الخارج وتحديداً في المجالات التي تعد اللغة بها مهارة أساسية. 

وعلى الرغم من أن الإنجليزية ليست محدداً بارزاً لقرار المستثمرين الأجانب المحتملين (حيث يتصدر عدم الاستقرار السياسي والحاكمية الضعيفة والبنية التحتية قائمة معيقات الاستثمار الأجنبي المباشر)، فمع مرور الوقت، سوف يكون الناس الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية جذابين للمستثمرين الأجانب. بيد أن الاعتبارات الأمنية تلعب دوراً مسيطراً في تعطيل مثل هذه التطورات.

في الوقت الذي تنطبق فيه المنافع المذكورة أعلاه على القطاعات التي يعتبر التواصل فيها أساسياً، فقد تكون المنفعة الاقتصادية الكلية الأكثر إقناعاً هي العوائد الأعلى المحتملة من (الدول التي لديها نسبة مهمة من ) المهاجرين الذين يتمتعون بمهارات أفضل في الإنجليزية. وفي زمن أصبحت به الهجرة نمطاً منتشراً، فإن العمال المهرة يخسرون فرصاً تدر لهم دخلاً أفضل بسبب معرفتهم المحدودة باللغة الإنجليزية ومهارات التواصل الضعيفة، وتحديداً في حالة قطاع الخدمات. إن تعلم الإنجليزية يؤدي إلى الاندماج بشكل أكبر في الدول الأجنبية ومعرفة أفضل بقوانينها وحقوق الناس الفردية في ذلك السياق.

وفي هذه الوجهات (خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) التي يقصدها المهاجرون، من المتوقع أن تكون اللغة الإنجليزية تلقائياً هي اللغة المشتركة، وقد ينتج عن ذلك أثراً في العوائد: أولاً من عدد المهاجرين المتحدثين باللغة الإنجليزية المطلوبين في دول أخرى، وثانياً من الأجور الأعلى الناجمة عن مهاراتهم الأفضل بالإنجليزية. وتعد العوائد جزءاً أساسياً من اقتصاديات دول كثير في المنطقة مما يعني أن ترويج اللغة الإنجليزية لهذا الهدف يؤدي إلى منفعة مقنعة على مستوى الاقتصاد الكلي. 

الوصول

إن مسألة الوصول إلى التعليم مهمة عند تحليل التدخلات التعليمية، ففي الوقت الذي يمكن فيه ترويج تدريس وتعلم اللغة الإنجليزية من خلال تدخلات معينة، لا يجب أن ينسى أن ذلك هذا الوصول إلى تعلم اللغة الإنجليزية يعتمد على الوصول العام إلى التعليم المدرسي بالمقام الأول. وفي دول كثيرة في المنطقة، لا يزال ذلك يشكل تحدياً هاماً في دول مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، بينما شهدت في السنوات الأخيرة دول مثل مصر تقدماً في إدخال الأطفال إلى المدارس بفضل عمل منظمات المجتمع المدني المتنامي مع الحكومة لمعالجة قضية الوصول إلى التعليم لدى أكثر الفئات تهميشاً في المجتمع. من هنا، فإننا نرى اليوم نسباً معقولة من الانخراط في التعليم المدرسي، مما يعني إمكانية حصول طلبة المدارس على تدريب أفضل على اللغة نتيجة لوصولهم إلى التعليم المنتظم. 

بيد أن قرار المشاركة في التعليم يعتمد على عدد من القضايا، والتي تشكل قضية التكلفة إحداها، إلا أن الاعتبار الأهم هو المقارنة بين الكلف والمنافع التي يجنيها الفرد والأسرة. هناك منافع ملموسة واضحة مثل العوائد الاقتصادية الناتجة عن تحسن فرص الكسب، ومنافع غير اقتصادية وغير ملموسة من الممكن أن تنتج عن تعلم اللغة الإنجليزية مثل تقدير الذات والمكانة الاجتماعية والقدرة على التفاوض والاستمتاع بالتعلم والمهارات المعرفية والوصول إلى المعلومة من الانترنت على سبيل المثال الذي يعتمد بشكل كبير على الإنجليزية.

إن التكاليف والمنافع من وجهة نظر أولياء الأمور مهمة في تحليل الوصول بشكل عام ، ولكنها تعتمد بشكل كبير على المعلومات المتوفرة للآباء، وهو أمر يصعب تحقيقه في المجتمعات الأكثر فقراً التي يكون أولياء الأمور فيها منخرطين بشكل محدود في تعليم أبنائهم ولديهم معرفة محدودة بهذا الموضوع.

تدريس العلوم والرياضيات بالإنجليزية

قامت بعض الحكومات في المنطقة بالاستثمار في برامج لتدريس العلوم والرياضيات بواسطة اللغة الإنجليزية، وتقول الحجة المؤيدة لمثل هذه السياسات أن تدريس الطلبة مواضيع في الإنجليزية في عمر مبكر في المرحلة الأساسية ييسر انتقالهم السلس إلى التعليم الإعدادي، ويؤدي إلى مستويات أعلى من الفهم واستخدام المعرفة في الموضوع المحدد. ويشكل هذا الموضوع مساحةً كبيرةً للاختلاف والنقاش لأسباب كثيرة من بينها الصعوبات الكبيرة التي تواجه الحكومات عند تنفيذها.

ومن أجل تقديم برامج على نطاق واسع لتدريس المواد باستخدام اللغة الإنجليزية، يجب الأخذ بعين الاعتبار العوامل التالية: 

  • يجب أن يجيد المعلمون اللغة بشكل كافٍ ليكونوا قادرين على استخدامها لتدريس مادتهم (ويجب أن تقوم الحكومات بتوفير تدريب لتحسين اللغة من أجل تيسير هذا العامل)
  • يجب أن يتمتع المتعلمون بمستويات مناسبة من القدرة اللغوية لاستخدامها في التعلم
  • يجب أن يتمتع المعلمون بخبرة اختصاصية مطلوبة لتدريس مادتهم للطلبة من ذوي المستويات المتدنية في القدرة اللغوية (يجب أن تقوم الحكومات بتمويل بناء القدرات لتدريب المعلمين وتنفيذ التدريب)
  • سوف يكون هناك حاجة للدعم الإضافي للفئات الأقل حظاً والمدارس ذات الأداء الضعيف
  • يجب تحسين قدرات القراءة والمهارات المعرفية لدى المتعلمين بلغتهم الأم
  • يجب أن ينخرط معلمو اللغة الإنجليزية المدرَّبون في هذه البرامج (ليس بالضرورة كمدرسين بديلين للمادة) ويجب تنفيذ أي تغييرات ضرورية على تدريبهم وخطتهم الدراسية وموادهم
  • يجب أن يتم اختيار كتب دراسية مناسبة باللغتين ومصممة للمتعلمين الذين يدرسون لغة ثانية أو أجنبية
  • يجب تدريب مدراء المدارس على تنفيذ وإدارة التعليم بواسطة اللغة الإنجليزية في مدارسهم. 

إن وصول جميع معلمي ومتعلمي المادة في المدارس إلى مستويات متقدمة باستخدام لغة ثانية يشعر القليل منهم بالثقة الكافية لاستخدامها (والتي تكون في العادة لغة أجنبية) هو تحدٍ عظيم يواجه النظام التعليمي ومن الصعب أن يتحقق من دون تلبية كل الشروط المذكورة أعلاه.

لربما تكون أفضل طريقة لإحداث تغيير في واسطة اللغة في النظام التعليمي هو أن يتم ذلك تدريجياً وبشكل تراكمي على مدار فترة طويلة من الزمن، مع التأكد من تصميم التدخلات ومراقبتها بعناية، ومراكمة الخبرات مع مرور الزمن و(بافتراض وجود الالتزام المطلوب) العمل على توسيعها على مدار السنين المقبلة. وسيتطلب ذلك أكثر من مجرد توفير تحسين قصير المدى للغة لدى المعلمين، فالمطلوب هنا هو مجموعة من التدخلات المتكاملة التي تغطي المدرب وتدريب المعلمين وتطوير المواد وتقوية نظم الارشاد وتوفير فرص تنمية القدرات على مستوى متقدم.

تكتسب عملية تغيير واسطة التدريس في كل المدارس أهمية بالغة، وإذا ما تم تنفيذها بطريقة ضعيفة، فإن التحول إلى واسطة الإنجليزية بالتدريس قد يؤثر سلباً على معايير التعليم وينتشر عدم الرضا في المجتمع.

ومن خلال ربط تدريس المواد بالإنجليزية من جهة والتدريب المهني من جهة أخرى، يصبح الطلبة متقنين لمهنهم بشكل أفضل عند دخولهم إلى سوق العمل ويمتلكون القدرة المكتسبة العملية في الإنجليزية، حيث تتطلب العديد من المهن الماهرة وشبه الماهرة القدرة على قراءة وفهم التعليمات على الآلات أو التحذيرات المكتوبة على المعدات والمواد الكيماوية. ويجب أن يميز العمال بين أنواع مختلفة من المنتجات المتوفرة في الأسواق ليتخذوا قراراً منطقياً واعياً حول ما يشترون، مما يؤدي إلى تمكينهم بالمحصلة في عملهم. وبالنسبة لأولئك العمال المهرة وشبه المهرة الذين يعملون خارج بلدانهم الأم، فإن القدرة على التواصل بالإنجليزية وتطوير قدرة عملية أو إجرائية بها سوف يفتحان الآفاق لفرص أفضل في العمل مدفوع الأجر. 

الجودة

إن سؤال الوصول إلى التعليم يحصل في العادة على الاهتمام الأكبر في صنع السياسات بالمقارنة مع الجودة (الأخيرة ليست جزءاً من أهداف الألفية التنموية ولكنها جزء أساسي من التعلم) خصوصاً عندما يكون الاثنان يتنافسان على الموازنة ذاتها. أي تدخل يهدف إلى تحسين تعلم الإنجليزية يجب أن يضمن الجودة حيث يتطلب بناء القدرات (بما فيها تدريب المعلم والمدرب) وتقديم هذه الخدمة وأساليب التدريس على نطاق واسع في أنظمة التعليم الحكومية. وتتضمن قضايا الجودة التي سيتعين التعامل معها من خلال تدخل مشابه وملازم لتحسين تدريس وتعلم الإنجليزية ما يلي: 

  • معايير عالية مضمونة بواسطة أساليب التعلم المبتكرة
  • تحسين الإرشاد والدعم في الغرفة الصفية لمعلمي الإنجليزية
  • تحسين المقاربات التي تركز على الأطفال والمستخدمة في الغرفة الصفية.

إن المقالات والمنشورات الوافرة حول تدريب اللغة تشير إلى أن التدريب الرسمي من دون التعرض الكافي للغة الإنجليزية في البيئات المحيطة بالطالب بشكل مباشر (أي في المجتمع والمنزل) يؤدي إلى مخرجات تعلمية أكثر ضعفاً. ويعد ذلك معيقاً يجب النظر فيه بما يشمل استخدام الإعلام لدعم العمل الذي ينفذ وجهاً لوجه.

إن تحليل برامج التعليم يشمل في العادة النظر في إمكانية حصول مقايضة بين الجوة والوصول إلى التعليم، وقد يحدث ذلك إذا – على سبيل المثال- كان الطلب المتزايد والمشاركة النابعة من الجودة أعلى من قدرة العرض، وفي حال كانت القدرة على الوصول والجودة تتنافسان على الموازنة ذاتها. إن تقديم بعض التدريب والتعلم من خلال الإعلام يعد مصلحة عامة، فهذه البرامج تتاح عند إذاعتها إلى كل من يملك وسيلة تواصل مثل التلفاز والراديو والهواتف النقالة من دون تكلفة إضافية. 

الجوانب الاجتماعية للغة الإنجليزية

بشكل عام، من المعروف أن الطبقة الفقيرة لا تستفيد بشكل كبير من برامج الدعم، سواء أكانت من الحكومة أو منظمات غير حكومية أو غيرها من المصادر. وبالنسبة للطبقة الفقيرة فقراً مدقعاً، ففي العادة لا يوجد مخرج من الوصول المحدود أو غياب الوصول الكامل إلى التوظيف والدخل والتمويل والائتمان والتوفير والأمان الاجتماعي. وتعاني النساء من الحرمان بشكل أسوء من الرجال، بما فيها التحرش الجسدي والجنسي واللفظي، والتهميش من نظم التحكيم المحلية وغيرها من عمليات صناعة القرار والخوف من السرقة والنهب. الحاجة لدفع "مال مقابل للحماية" للعصابات الابتزازية هو واقع يومي تعايشه النساء اللواتي يلعبن دور رب الأسرة في بيوتهن، كما يكون الأشخاص المسنون أو المعاقون أو الذين يعانون من مرض مزمن من دون دعم عائلي مستضعفين جداً في العادة. وينتمي 40 % من المسنين إلى البيوت الفقيرة، وتنتمي النسبة الأكبر إلى فئة الفقر المدقع.

وتتزامن هذه المشكلة مع الالتزام الضعيف بالقانون والمجتمع الأبوي الذي يعتبر في كثير من الأحيان أن الفقراء مسؤولون عن فقرهم، مما يجعل آليات التعايش القليلة المتوفرة لدى فئة التي تعاني من الفقر المدقع تنهار بشكل سريع، مؤديةً إلى انهيار هذه الأسر في العادة، حيث يتم إرسال الأطفال إلى العمل في عمر مبكر في الكثير من المجتمعات الحضرية والريفية في أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهم معرضون بشكل كبير لكل أنماط الاستغلال. ويمنع غياب الوعي لدى فئة الفقراء فقراً شديد بحقوقهم والتزاماتهم من إيصال حاجاتهم، واستخدام الأنظمة السياسية القائمة لإيصال صوتهم.

إن تحسين تدريس وتعلم اللغة الإنجليزية يقدم فرصةً لمعالجة بعض هذه القضايا المذكورة أعلاه لأن الوصول إلى الإنجليزية قد يساعد في: 

  • المطالبة بالإصلاح من أجل جعل السياسات والبرامج أكثر تجاوباً مع حاجات الفقراء والأقل حظاً
  • إصلاح هياكل القوى التي تمنع الفقراء والأقل حظاً من القدرة على المطالبة بالخدمات والحقوق من الحكومة المحلية وغيرها من المزودين والوصول إليها
  • رفع فرص الحياة الكريمة منن خلال المساعدة في زيادة الدخول وتنويع مصادر الدخل وتحسين الأمن الغذائي والتغذية المتوفرة والممارسات الصحية وتحسين الأسواق المحلية وتمكين الفقراء من الاستفادة من فرص السوق في التجارة والتوظيف وتقوية المشاريع المتوسطة والصغيرة وخدمات دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة
  • تقليل الاستضعاف من خلال تحسين الموارد الاقتصادية وتحسين تقديم الخدمات عن طريق الجهات العامة والخاصة
  • تقليل العزل والتهميش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من خلال بناء القدرات في توفير الخدمات الاجتماعية الحكومية وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية وبرامج الائتمان وجعلها مناسبة لحاجات الفقراء وإصلاح القوانين الناظمة لاستخدام أراضي الدولة
  • تحسين قدرات الأطفال للخروج من الفقر
  • حشد المجتمعات وبناء الشراكات بين القطاعين العام والخاص وبداخل جسم القطاع الخاص ذاته لتوفير الخدمات الرئيسة وبرامج الحماية الاجتماعية وتطوير نهج يستهدف المجتمع بأكمله
  • تطوير برامج مبتكرة والشراكات مع الحكومة المحلية والأعمال ورفع وعيهم بحاجات الفقراء وقدرتهم على تلبيتها
  • تطوير وعي المجتمعات الفقيرة والأقل حظاً من خلال تسهيل انتقال المهارات والدروس المستفادة.