كتبها فاطمة خير
كان "أيمن الشاهد" الشاب ذو ال26 عاماً، والذى درس إدارة الأعمال، يعرف جيداً ما يريده من رحلته إلى لندن، ضمن برنامج "المواطن الفعال " التابع للمجلس الثقافى البريطانى، وأيمن سبق له الالتحاق بورش مشروع "المواطن الفعال" فى ديسمبر 2011 ،بعدها قام بتنفيذ مبادرته "معاً ..لأسرة مترابطة" فى العام 2012، فى منطقة امبابة ،الموجودة فى محافظته الجيزة، أيمن عرف بفرصته بالذهاب إلى لندن للقاء أعضاء آخرين فى برنامج المواطن الفعال الدولى ، فقرر أن يجمع أكبر عدد ممكن من الحلول المبتكرة التى يقوم بها هؤلاء الأعضاء فى بلدانهم ،ليحلوا بها مشكلات موجودة فى مجتمعاتهم ؛ ليس هذا وحسب ،وإنما قرر أيمن أيضاً ،أن المشكلات فى حد ذاتها هى عقبات واردة الحدوث فى مجتمعه خلال المشروعات التى ينوى تنفيذها فى مصر ، واعتبر أن رحلته هذه هى الفرصة الذهبية للحصول على أفكار لمشكلات محتملة وحلول مبتكرة فى الوقت نفسه ، وهو ما كان بالفعل.
المدينة الفاضلة ..
"المدينة الفاضلة" هى فكرة المبادرة المقبلة لأيمن، فبعد أن نفذ مبادرته "معاً..لأسرة مترابطة" فى منطقة امبابة ،وحققت نجاحاً،قرر أن المجتمع فى حاجة لما هو أكثر من ذلك ، ومن هنا جاءت فكرة مبادرة منحها مؤقتاً اسم "المدينة الفاضلة"، يحلم أيمن أن ينفذها فى كل أنحاء مصر، لكنه سيبدأ بمناطق عشوائية هى امبابة ،والشرابية ،والصف، .تسيطر على أيمن الفكرة منذ شاهد المسلسل التليفزيونى الشهير "يوميات ونيس" ورأى حلم الأب بأسرة مثالية ومجتمع مثالى، ويحلم بأن تقدم "المدينة الفاضلة" نموذجاً لدولة مثالية داخل الدولة ، وأن تنشىء كل منطقة نظام حكم محلى تطوعى ، يضم لجاناً بعدد الوزارات فى الدولة المصرية ، ومن هذه اللجان تخرج مبادرات لتطوير المنطقة والبيئة التى يعيش فيها سكانها على كل المستويات، دولة متكاملة الخدمات من خلال جمعية أو مؤسسة أو غيرها من التسميات.
يحلم أيمن بأن يحول مدينة أفلاطون الفاضلة إلى حلم على أرض الواقع من خلال حديقة عامة شهيرة هى حديقة الأورمان، يجتمع فيها المواطنين للبحث عن حلول لمشاكلهم، وأن يقوم هؤلاء برحلات لأماكن أثرية ليتعلموا تاريخ بلادهم ، وبزيارات لمجمع الأديان ليتناقشوا حول التسامح الدينى ، هذه الأحلام وأكثر ، حملها أيمن معه إلى لندن ، باحثاً عن آليات للتطبيق، لكنه لم يكن يعرف أنه سيعود ليس بكل الحلول التى يبحث عنها وحسب ؛وإنما أيضاً بإصرار أكبر ويقين على أن حلمه صالح للتطبيق على أرض الواقع ، متجسداً فى تجربة شاهدها فى مدينتين انجليزيتين ، تحمل اسم "جمهورية الخير ".
جمهورية الخير ..
"جمهورية الخير" هى نموذج مطبق بالفعل فى شيفلد تاون ،وهيرهيل تاون ،يقدم فيه الناس الخدمات لبعضهم البعض بنظام التبادل (المقايضة) ،الفكرة جاءت مناسبة للغاية لما يحلم به أيمن ووجدها صالحة للتحقيق فى مدينته الفاضلة ، وقرر ضمها كمبادرة إلى مجموع ما يعزم تطبيقه بعد عودته .
يقول أيمن أنه اكتشف مجموعة جديدة من القيم بعد رحلته فى مشروع المواطن الدولى فى بريطانيا ،خاصةً بعد حضوره لجلسة فى البرلمان البريطانى العريق ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : قيم التناقش بشكل حضارى بلا تعصب ولا حدة برغم الاختلاف، الرغبة فى العطاء بغض النظر عن السن ، القدرة على التعايش برغم الاختلافات الدينية والثقافية والموروثات ، كيفية حل المشكلات بالبحث عن الحلول لا الانفصال عن المجتمع وتجنب الاندماج.
ذهب أيمن ضمن برنامج المواطن الدولى إلى لندن ، يحمل حلماً ، لكنه عاد بيقين بأن الحلم هو مشروع قابل للتطبيق ، وأن التعايش برغم الاختلافات هو واقع لا خيال ، وبأن لدى مجتمعنا فرصة حقيقية للنهوض واللحاق بعالم تجاوز مشكلاته التقليدية.