تعد مهارات التواصل لدى الباحثات والباحثين لا تقل أهمية عن المهارات البحثية في تطوير مسارهم الأكاديمي. وبالتالي فإن دعم وتطوير البحث العلمي والابتكار في مصر يتطلب أيضًا بناء قدرات المجتمع البحثي في مجالات التواصل العلمي والتعاون الأكاديمي. لتحقيق ذلك تم إطلاق برنامج مهارات التواصل Researcher Connect في مصر بدعم وتمويل من صندوق نيوتن-مشرفة.
برنامج مهارات التواصل Researcher Connect هو دورة تدريبية لمهارات التواصل العلمي تهدف إلى مساعدة الباحثات والباحثين على التواصل بشكل أفضل مع أقرانهم على المستويين المحلي والدولي، بجانب توصيل أبحاثهم بشكل أكثر فاعلية. حيث يضم البرنامج عددًا من ورش العمل تتناول موضوعات التعاون الأكاديمي، والكتابة العلمية، ومهارات التواصل، وتقديم العروض الجذابة، وكتابة المقترحات للمشاريع والمنح البحثية. حيث يتم تقديم ورش العمل تلك بواسطة بمدربين خبراء من المملكة المتحدة، وذلك في إطار أهداف صندوق نيوتن-مشرفة لبناء القدرات والمهارات، وتعزيز التعاون البحثي بين مصر والمملكة المتحدة، ونقل الابتكار والمعارف والخبرات.
نتناول فيما يلي ثلاث قصص ملهمة لباحثات وباحثين مصريين ممن شاركوا في برنامج مهارات التواصل Researcher Connect.
تطوير مهارات التدريس للمحاضرات والمحاضرين بالجامعات المصرية
بناء قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة السويس المصرية من أجل تطوير التعليم الجامعي هو ما تسعى إليه رحاب المغربي، رئيس قسم تكرير البترول والهندسة البتروكيميائية بكلية هندسة التعدين والبترول بجامعة السويس. الأمر الذي يتطلب تطوير مهارات التدريس والقدرات الشخصية للأساتذة والمحاضرين الجامعيين، بجانب الاحتكاك بالخبرات التعليمية الدولية المختلفة. لذا وجدت رحاب في برنامج مهارات التواصل Researcher Connect مبتغاها.
فمن خلال الدعم المقدم من المجلس الثقافي البريطاني، تمكنت رحاب من تنظيم ورشة عمل عام 2015 أتاحت لأعضاء هيئة التدريس اكتساب مهارات عدة تتعلق بتطوير قدراتهم على التواصل العلمي. وذلك من خلال الاستفادة من مهارات المدربين المتميزين الذين قدموا من المملكة المتحدة لمشاركة خبراتهم مع أقرانهم المصريين.
"ضمت الورشة التدريبية 16 من أعضاء هيئة التدريس الشباب بالجامعة. حيث اجتمعوا تحت سقف واحد لبحث سبل تطوير كيفية شرح العلوم، وتطوير أساليب عرض المحتوى العلمي الجامعي، واكتساب مزيد من الخبرات المتعلقة بآلية التفكير العلمي. لا شك في أن تبادل الخبرات -بين المدربين البريطانيين والمشاركين المصريين- قد عظّم من استفادة جميع المشاركين."، كما توضح رحاب .
تضيف رحاب: "خلال ورشة العمل، تركنا الحياة الأكاديمية الرتيبة خلفنا واستمتعنا بالأنشطة المتنوعة والمفيدة. حيث اكتشفنا وسائل تعليمية عدة لم نتعرض لها من قبل. وبالفعل استثمر العديد من المشاركات والمشاركين تلك الخبرات في محاضراتهم الجامعية، مما مكّن الطلاب من تحصيل العلم بطرق أفضل.".
لم تكتف رحاب بهذا فحسب، إذ قامت بتوثيق ورشة العمل التدريبية تلك من جامعة السويس. وبالتالي تم الاعتراف بها كجزء من برنامج التنمية المهنية للباحثات والباحثين. الأمر الذي مكن المشاركين في البرنامج التدريبي من التقدم في مسارهم الأكاديمي بالجامعة عبر التدرج في وظائف التدريس والبحث العلمي.
وتؤكد رحاب على الأثر الممتد لذلك البرنامج التدريبي قائلةً: "يمكن إدراك مدى إسهام تلك الورشة حينما تعلمون أنه بعد مرور ثمان سنوات صار معظم المشاركات والمشاركين بمناصب أساتذة ورؤساء أقسام وعمداء بعدد من الجامعات المصرية.".
تبادل الخبرات لمجابهة تحديات التعليم الجامعي
يواجه التعليم الجامعي في مصر –وسائر دول العالم- العديد من الصعوبات والتحديات. مجابهة تلك التحديات من أجل بناء قدرات جيل جديد من الباحثات والباحثين المصريين يتمكن من تطوير البحث العلمي والتعليم العالي، هو ما دفع نهى الرافعي، المحاضر المساعد بقسم الطب الشرعي والسموم في كلية الطب بجامعة عين شمس إلى تنظيم ورشة عمل تدريبية من خلال برنامج مهارات التواصل Researcher Connect.
وجدت نهى ما تسعى إليه عبر الورشة التدريبية التي وفرها البرنامج، حيث تشير قائلةً: "تواجه المؤسسات التعليمية حول العالم نفس المشكلات والتحديات التي تؤثر سلبًا على المسار الأكاديمي للطلبة والباحثين. ومن خلال التعاون مع فريق يضم خبرات متعددة وثقافات مختلفة، توصلت إلى أننا لسنا وحدنا حيث لا تعاني مصر فقط تلك المشكلة بل تعانيها مختلف المؤسسات التعليمية والبحثية حول العالم، وعبر التعاون وتبادل الخبرات يمكننا أن نتخطى كل تلك الأمور.".
فمن خلال عمل عدد من الباحثات والباحثين ذوي الاهتمامات المشتركة في فريق واحد ضمن ورشة العمل، تمكنوا من اكتساب العديد من المهارات المطلوبة لتطوير مسارهم المهني البحثي والتدريسي مثل الكتابة العلمية الرصينة، وكيفية تقديم العروض العلمية التفاعلية، وكتابة تقديم المقترحات الناجحة، وغيرها. كل تلك الأمور من شأنها تزويد أولئك الباحثات والباحثين بالمهارات والخبرات اللازمة لمجابهة تحديات التعليم العالي والبحث العلمي في مصر.
توضح نهى أن برنامج Researcher Connect قد أسهم في بناء مجتمع عريض من الأكاديميين، الذين يواجهون تحديات متشابهة في التعليم الجامعي والبحث العلمي. ومن خلال ورش عمل البرنامج تمت إذابة الحواجز اللغوية والثقافية المختلفة بينهم، بجانب دعمهم تجاه البحث المشترك عن حلول فعالة وتطبيقها على أرض الواقع. الأمر الذي يعود بالنفع على المجتمع العلمي بأكمله.
وتؤكد نهى ذلك قائلةً: "إن التعاون الدولي بين مختلف الجهات العلمية يحد من المجهودات الفردية التي يبذلها كل على حدة، كما يسهم في الحصول على نتائج أفضل دومًا."