لا صوت يعلو فوق صوت التغير المناخي، وذلك مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ السادس والعشرين (COP26) الذي ستستضيفه مدينة جلاسكو بالمملكة المتحدة في نوفمبر 2021. إذ يحتل التغير المناخي وعواقبه الهائلة صدارة الاهتمام العالمي بوصفه الجائحة القادمة التي يجب على البشرية الاتحاد لمواجهتها. وفي ظل الدور الرئيسي الذي يلعبه البحث العلمي في ذلك الأمر، يستهدف صندوق نيوتن-مشرفة مجابهة التغير المناخي كأحد أولوياته لدعم البحث العلمي والابتكار في مصر.
بتمويل يبلغ قدره 50 مليون جنيه إسترليني، يسعى صندوق نيوتن-مشرفة إلى دعم البحث العلمي في مصر من خلال بناء الشراكات بين المؤسسات البحثية المصرية ونظيرتها بالمملكة المتحدة. حيث يوفر الصندوق الفرصة لبناء القدرات والمهارات، وتعزيز التعاون البحثي بين البلدين، ونقل الابتكار والمعارف والخبرات.
نتناول فيما يلي ثلاث قصص ملهمة لباحثين وباحثات مصريين يسعون لمجابهة تأثيرات التغير المناخي على أصعدة عدة. وذلك من خلال تطوير صوبة زراعية ذكية متكاملة، وتصميم مبان ذات استهلاك أقل للطاقة، وإنتاج وقود حيوي مستدام يقلل من الانبعاثات الكربونية.
صوبة زراعية ذكية تجابه تأثيرات التغير المناخي
يهدد التغير المناخي الأمن الغذائي في مصر، حيث تؤثر عواقبه سلبًا على الزراعة بشكل خاص. وفي ظل احترار المناخ المطرد وشح الموارد المائية المتفاقم، يبحث فريق من العلماء المصريين والبريطانيين عن حل لمجابهة تلك التأثيرات الناجمة عن التغير المناخي على الزراعة. ابتكار صوبة زراعية ذكية متكاملة هو الحل الذي يعمل عليه عبد العظيم نجم -الأستاذ في جامعة الزقازيق بمصر- من خلال مشروع بحثي مشترك مع جامعة إكستر بالمملكة المتحدة.
يهدف المشروع إلى تطوير صوبة زراعية ذات نظام متكامل. حيث تعمل تلك الصوبة بالاعتماد على الطاقة الشمسية لإنتاج العديد من المحاصيل الزراعية، وفي الوقت ذاته تقوم بتوفير مياه الري لتلك المحاصيل عبر نظام مدمج لتحلية المياه، بالإضافة إلى قدرة الصوبة على توليد الطاقة اللازمة لتشغيلها بشكل ذاتي. وبذلك يمكن لتلك الصوبة الزراعية المبتكرة مواجهة مشكلات الغذاء والماء والطاقة في آن واحد.
يوضح نجم: "النظام المتكامل الذي تم تطويره من خلال المشروع يجابه التغير المناخي بعدة طرق. حيث يقوم بتوفير المياه العذبة من المياه المالحة ومتوسطة الملوحة، كما أنه يساهم في إنتاج محاصيل زراعية متنوعة كالخضروات والحبوب والنباتات الملحية والأعلاف الحيوانية، .. بجانب اعتماده على الطاقة الشمسية."
ويضيف أيضًا أن الفريق البحثي قد قام مؤخرًا بتقديم طلب لتسجيل براءة اختراع لصوبتهم الزراعية المبتكرة كنظام متكامل لإنتاج الغذاء يجابه تأثيرات التغير المناخي على الطاقة والماء والزراعة. وبذلك يمكن لتلك الصوبة الذكية المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، مما سيكون له بالغ الأثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
بجانب هذا فقد أتاح المشروع البحثي الممول من صندوق نيوتن-مشرفة العديد من الفرص للباحثين المصريين للنشر العلمي على مستوى دولي. حيث تمكن الفريق البحثي من نشر 7 أوراق بحثية بدوريات علمية ذات معامل تأثير مرتفع، ونشر 9 مشاركات بمؤتمرات علمية دولية. كما ساهم الفريق البحثي في 6 كتب علمية بحوالي 18 فصلًا حول مختلف جوانب المشروع البحثي.
تصميم مبان أقل استهلاكًا للطاقة
يعد قطاع البناء مسئولًا عن حوالي 36% من استهلاك الطاقة على مستوى العالم، مما يساهم بشكل كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتسببة في تفاقم تغير المناخ. لذا يسعى العلماء لإيجاد حلول غير تقليدية لتطوير مبان تجابه التغير المناخي. مباني أقل استهلاكًا للطاقة هو ما تعمل عليه سحر أبو طالب -الباحثة والمحاضرة في جامعة الأزهر بمصر- وذلك من خلال مشروع بحثي مشترك مع جامعة نوتنجهام بالمملكة المتحدة.
يستهدف هذا المشروع البحثي تصميم واجهات المباني بطريقة رقمية بهدف تقليل استهلاك المباني للطاقة في المناطق ذات المناخ الحار مثل مصر. حيث تمكنت الباحثة المصرية من دمج برمجيات التصميم البارامتري وأدوات محاكاة الطاقة وخوارزميات الاستخدام الأمثل سويًا، وذلك لتطوير طريقة للتصميم الرقمي لواجهات المباني. وبذلك يمكن بشكل رقمي تصميم واجهات مباني أقل استهلاكًا للطاقة، حيث تعتمد بشكل رئيسي على استغلال ضوء النهار وكذلك الطاقة الشمسية.
"يهدف هذا المشروع البحثي إلى مجابهة التغير المناخي من خلال تحسين البيئة الداخلية للمباني عبر تعزيز الأداء الحراري من خلال تصميم المباني، بجانب تصميم المباني بحيث تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية وضوء النهار لتقليل استهلاك الطاقة بها." كما توضح أبو طالب.
لم تتوقف جهود أبو طالب عند هذا فحسب، حيث ساهمت في تطوير مقررات دراسية جديد لطلاب قسم العمارة بجامعة الأزهر المصرية حول تصميم المباني البيئي ومحاكاة أداء المباني، وذلك بالاعتماد على الطرق والوسائل المستخدمة في مشروعها البحثي الممول من صندوق نيوتن-مشرفة. الأمر الذي يساعد المهندسين المعماريين المستقبليين على فهم التحديات المتعلقة بالتغير المناخي من وجهة نظر تصميم المباني، أملًا في أن يتمكنوا من بناء مبان أفضل تجابه التغير المناخي.
وقود حيوي مستدام لخفض الانبعاثات الكربونية
يعد تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري بغرض خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أحد التدابير الرئيسية للحد من التغير المناخي. ويعول العديد من الباحثين والعلماء على الوقود الحيوي كبديل مستدام ومتجدد للوقود الأحفوري. إنتاج وقود حيوي من زيت الطهي المستعمل هو ما يسعي إلى تحقيقه ممدوح جاد الله -الأستاذ في الجامعة البريطانية بمصر- من خلال شراكة بحثية مع جامعة لندن ساوث بانك بالمملكة المتحدة.
يستهدف هذا المشروع البحثي إيجاد طريقة مستدامة لإنتاج وقود الديزل الحيوي من مصادر متجددة مثل نفايات زيوت الطهي. إلا أن نفايات زيوت الطهي في مصر ذات جودة منخفضة بفعل إعادة استخدامها في الطهي مرات عديدة، حيث يتسبب ذلك في زيادة حامضيتها واحتوائها على الماء. الأمر الذي يجعل إنتاج وقود الديزل الحيوي من تلك الزيوت المستعملة صعبًا للغاية باستخدام الطرق التقليدية.
لكن الفريق البحثي المصري البريطاني تمكن من تطوير حل مستدام لتحويل نفايات زيوت الطهي تلك إلى وقود ديزل حيوي عالي الجودة. وذلك من خلال إجراء عملية التحويل في ظروف معينة تعزز من معدل حدوث التفاعلات الكيميائية حتى في حال ارتفاع الحموضة أو وجود الماء. الأمر الذي يجعل تلك الطريقة ناجعة في إنتاج وقود حيوي عبر تدوير نفايات زيوت الطهي، ومن ثم الاعتماد عليه كبديل للوقود الأحفوري في إطار مجابهة التغير المناخي.
يوضح ذلك جاد الله: "وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، تنتج مصر حوالي 500,000 طن سنويًا من نفايات زيت الطهي المستعمل في الصناعات الغذائية والمطاعم والفنادق. يمكن لتطبيق تلك الطريقة الجديدة على زيت الطهي المستعمل في مصر المساهمة في إنتاج 1.2 مليون طن من وقود الديزل الحيوي. الأمر الذي يكافئ تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 0.56 مليون طن سنويًا."
لا يتوقف الأمر عند هذا فحسب، فللمشروع الممول من صندوق نيوتن-مشرفة تأثيرات أخرى. فمن خلال التكامل بين مخرجات البحث العلمي والحكومة والمجتمع، يمكن للأسر ذات الدخل المنخفض القيام بجمع زيوت الطهي المستعملة وإنتاج وقود الديزل الحيوي منها لبيعه للجهات المصنعة، ومن ثم يمكن الاعتماد على ذلك كمصدر إضافي للدخل. وبذلك يساهم هذا المشروع البحثي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر بجانب تأثيراته البيئية للحد من تغير المناخ.
حماية توربينات الرياح باستخدام تقنيات صوتية حديثة
كأحد سبل مجابهة تغير المناخ يتجه العالم برمته نحو التحول للطاقة النظيفة الخضراء، وفي مقدمتها توليد الكهرباء من طاقة الرياح. الحفاظ على سلامة شفرات توربينات الرياح المستخدمة في إنتاج الكهرباء هو ما يسعى إليه أحمد هشام -الأستاذ المساعد بجامعة عين شمس- من خلال شراكة بحثية مع جامعة كارديف بالمملكة المتحدة.
يهدف هذا المشروع البحثي الممول من صندوق نيوتن-مشرفة إلى تطوير آلية تسهم في اكتشاف وتشخيص التلفيات التي تصيب الشفرات الخاصة بتوربينات الرياح المولدة للكهرباء. وذلك عن طريق الاستعانة بالانبعاثات الصوتية عبر استخدام حسَّاسات تحول الطاقة الموجية الناتجة عن وجود تلفيات بالجسم المتضرر إلى إشارات كهربية، التي تقوم أجهزة الحاسب الآلي بمعالجتها من أجل وصف التلف بدقة وتحديد موضعه ومن ثم إصلاحه بسهولة ويسر.
بالإضافة إلى ذلك تتضمن أهداف المشروع تطوير تقنية منخفضة التكلفة من أجل إنتاج شفرات توربينات الرياح. الأمر الذي يعد بالغ الأثر على تحقيق التنمية المستدامة، كما يوضح هشام: "إن مشروعي البحثي يدعم تحقيق ثلاثة من أهداف التنمية المستدامة؛ والمتعلقة بمواجهة تحديات التغير المناخي، وإنتاج الطاقة النظيفة بأسعار معقولة، ودعم تطوير الصناعة والبنية التحتية.".
الدعم الذي حازه هشام من صندوق نيوتن-مشرفة تجاوز مجرد التمويل، إذ يوضح قائلًا "تسهم المنحة –بوجه عام- في دعم حل المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد المصري عبر منح العلماء فرصة الدراسة في المملكة المتحدة، ومن ثَم العودة إلى مصر لنشر الخبرات التي اكتسبوها وتطبيق مشروعاتهم البحثية على أرض الواقع.".
كما أسفر المشروع البحثي لهشام عن نشر ثلاثة أوراق علمية بدوريات علمية مرموقة، إحداها مصنفة بالمركز الحادي عشر عالميًا في مجال الهندسة الميكانيكية. بجانب هذا، تمكن هشام عبر مشروعه البحثي من الوصول إلى المرحلة النهائية الخاصة بمسابقة جائزة "بيتر واتسون" للتميز في الهندسة الميكانيكية، ليصبح بذلك المصري الأول الذي يبلغ تلك المرحلة المتقدمة بالمسابقة.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم هشام في تأسيس مشروع يدعم العلاقات الأكاديمية بين جامعة عين شمس المصرية وجامعة كارديف البريطانية. وذلك بهدف مشاركة خبرات باحثي جامعة كارديف المتعلقة بمجال الانبعاثات الصوتية مع باحثي كلية الهندسة بجامعة عين شمس، تحديدًا فيما يخص سبل مجابهة تغير المناخ.
الحفاظ على العمارة العامية لتعزيز التنمية المستدامة
يسهم قطاع البناء بشكل كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتسبب الأول في تفاقم أزمة تغير المناخ. بجانب هذا تتسبب بعض المنشئات والأبنية الحديثة في أضرار بيئية وكذلك استنفاد الموارد المحلية. الحفاظ على العمارة العامية في مصر -المعروفة أيضًا بالعمارة المحلية- بهدف تعزيز التنمية المستدامة هو الهدف الرئيسي لإبراهيم الحديدي -الباحث بجامعة القاهرة المصرية- عبر مشروعه البحثي بالتعاون مع جامعة باث البريطانية.
الهندسة المعمارية العامية هي أسلوب معماري يعكس الظروف البيئية والثقافية والسياق التاريخي للمنشآت. لذا اهتم الحديدي عبر مشروعه بدراسة العمارة العامية في مصر بجانب سبل الحفاظ عليها من الاختفاء. حيث تكمن أهمية دراسات العمارة العامية في وجود رابط مباشر بينها وبين تحقيق أهداف التنمية المستدامة. حيث يسهم ذلك الأسلوب المعماري في حماية البيئة من خلال تجنب استنفاذ الموارد المحلية، إلى جانب الحفاظ على التراث الثقافي واحترام البعد الإنساني المقترن بالمنشآت.
يوضح ذلك الحديدي: "لقد ركزت في مشروعي البحثي على العمارة العامية والحفاظ على التراث بما يتصل بالسياق المصري. فالمشروع يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتوافقة مع رؤية 2030 الخاصة بالدولة المصرية وعلى رأسها: الحد من مشكلة انعدام المساواة، وتأسيس المدن والمجتمعات المستدامة.".
المشروع البحثي لهشام الممول من صندوق نيوتن-مشرفة يقدم مجموعة من الأدوات لمساعدة الباحثين ومهندسي المعمار وكذلك صانعي القرار والسياسيين على الاهتمام بالأبعاد الثقافية والبيئية والاجتماعية أثناء تعاملهم مع المجتمعات الحضرية. الأمر الذي يؤدي بدوره إلى التوجه نحو تدخلات أكثر استدامة مستقبلًا بشكل يسهم في مراعاة قضايا العدالة الاجتماعية، والحفاظ على التراث الثقافي، والاستدامة البيئية، ومجابهة تغير المناخ.
بالإضافة إلى تلك النتائج، يوضح الحديدي إلى أن دعم صندوق نيوتن-مشرفة أسهم في تطوير كل من قدراته الأكاديمية ومهاراته الشخصية. حيث تمكن من نشر ورقته البحثية الأولى ويسعى حاليًا لنشر ورقتين جديدتين في مرحلة المراجعة حاليًا. كما استطاع بناء روابط قوية مع مجموعة من الباحثين الدوليين المتميزين مما ساعده على اكتساب مزيد من الخبرات في مجال تخصصه.
حلول غير تقليدية لتوفير موارد مائية
تعاني مصر حاليًا من محدودية الموارد المائية، الأمر الذي من المتوقع أن يتفاقم لعدد من الأسباب من بينها تغير المناخ. وفي الوقت ذاته تستدعي الزيادة السكانية المطردة توفير المزيد من تلك الموارد، وذلك بغرض استخدامها في الزراعة من أجل سد حاجات السكان الغذائية. إيجاد حلول لمجابهة تلك المشكلة باستخدام مصادر المياه غير التقليدية هو ما يستهدفه المشروع البحثي لعبد الرؤوف رمضان- أستاذ الهندسة الزراعية بالمركز القومي للبحوث المصري- عبر شراكة مع مركز علوم البيئة والمياه بالمملكة المتحدة.
المشروع البحثي الممول من صندوق نيوتن-مشرفة يبحث محاولة استغلال موارد المياه الهامشية كبديل للاعتماد الكلي على مصادر المياه العذبة . بعبارة أخرى استخدام مياه من مصادر غير تقليدية مثل مياه الصرف الزراعي، والمياه الجوفية قليلة الملوحة، ومياه الصرف المنزلي، والمياه الناتجة عن الصناعات الزراعية. إلا أن تلك المصادر تتسم بانخفاض جودتها، الأمر الذي يتطلب إدارة تلك المصادر المائية بشكل علمي.
يوضح ذلك رمضان: "أهدف –خلال دراساتي البحثية- إلى تعظيم استهلاك المياه ذات المصادر غير التقليدية، وهو الأمر الذي يتسق مع رؤية مصر 2030 المتعلقة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة تلك المتعلقة بتطوير مشروعات الري بما يحمينا من مخاطر التغيرات المناخية".
يهدف مشروع رمضان إلى استغلال مياه الصرف الخاصة بالمزارع السمكية -كأحد أهم أنواع المياه الهامشية- على وجه التحديد في ري الأراضي الزراعية. حيث تمكن من الكشف عن مميزات لاستخدام مياه صرف المزارع السمكية في الري، نظرًا لما توفره من مواد عضوية مفيدة تسهم في تحسين التربة أثناء الزراعة. إذ يمكن لتلك المياه تخصيب الأراضي الزراعية بفضلات الأسماك أو بالمواد الناتجة عن تحلل تلك الفضلات، مما يعزز من نمو المحاصيل المزروعة بتلك الأراضي.
تمكن رمضان عبر مشروعه من نشر أربع أوراق بحثية معنية باستخدام مصادر المياه غير التقليدية، إحداهما تضمنت دراسة فوائد استخدام مياه صرف المزارع السمكية في الري. حيث حازت تلك الورقة البحثية على جائزة المفوضية الدولية للري والصرف. كما يرى رمضان أن تمويل صندوق-نيوتن مشرفة ساهم في تنفيذ أبحاثه العلمية على أرض الواقع. حيث تم إدراج مشروعه البحثي في مخططات الهيئة المصرية القومية للري والصرف، وذلك في إطار العمل المستمر لمجابهة تأثيرات تغير المناخ.
الطاقة المخبئة في أكوام النفايات
إيجاد سبل لاستغلال النفايات كمصدر للطاقة هو الموضوع البحثي الذي إختاره محمد جمال عامر الحاصل على منحة دكتوراه في جامعة مانشستر كلية العلوم والهنسة وكلية العلوم الطبيعية- قسم الكيمياء، والذي يقول " أهدف من خلال العمل في مشروع الدكتوراه الخاص بي إلى تحسين الاستراتيجيات الحالية لإدارة النفايات في المملكة المتحدة وذلك من خلال الاستفادة من أكوام النفايات لتوليد مزيج من غاز البترول المسال الحيوي وهو وقود نظيف نسبياً ويستخدم على نطاق واسع في قطاع النقل والاستخدام المنزلي".
ويرى عامر أن مشروعه البحثي سيكون له تأثير ملموس في قطاع الطاقة في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وبالتالي سينعكس على الصعيد العالمي قريبًا.
ويعلق " المنحة التي تلقيتها من صندوق نيوتن مشرفة فرصة سأظل أقدرها إلى الأبد. لقد مهدت الطريق لإجراء دراسات الدكتوراه الخاصة بي حيث نفذت بنجاح مناهج البيولوجيا التركيبية لإدخال تطويرات تسمح بتوليد الوقود الحيوي، كإنتاج مزيج الغاز الطبيعي المسال الحيوي. فمن خلال التمويل الذي تلقيته من برنامج "صندوق نيوتن - مشرفة" سعيت إلى إحداث لإحداث تأثير على قطاع الطاقة في العالم وكذلك للمساهمة في معالجة بعض تحديات تغير المناخ".
بحث عامر لاقى ترحيب دولي، حيث اختارت الجمعية الملكية للكيمياء إحدى مقالته لعرضها في ضمن مجموعة مقالات حول تقنيات الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والأبحاث التي جرى عرضها صنفت كأفضل أبحاث واعده في مجال العمل المناخي منشورة في مجلات RSC، وتركز جميعها على تحقيق الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة (SDG13) والذي ينص على اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره.
تحلية مياه وإنتاج طاقة في جهاز واحد
وبالحديث عن الطاقة والقدرة على تخفيض الإنبعاثات مشروع منى جمال عميد موارد الطاقة والبيئة والهندسة الكيميائية والبتروكيماوية بالجامعة اليابانية في مصر بين العديد من التخصصات التي تعنى بالبيئة، فبجانب الخبرة البيئية، حاول المشروع تطوير تكنولوجيات تجمع بين ما طوره الباحثين في الجامعة اليابانية من تكنولوجيات لتحلية المياه بالطاقة الشمسية مع ما طوره الباحثين في جامعة كرانفيلد في المملكة المتحدة من خبرة التبريد بالامتصاص الشمسي عوضا عن الأنماط التقليدية للتبريد القاءمة على استهلاك المياه والطاقة.
تأمل منى جمال أن يفتح المشروع باب لزيادة المعرفة وتطوير أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في تكامل توليد الكهرباء ومبرد امتصاص ووحدة تحلية. وذلك من خلال دمج أفضل التقنيات المستدامة والفعالة.
وترى الباحثة أن هذا المشروع هو مثال جيد على كيفية التكامل بين المياه والطاقة المبتكرة، من أجل تحسين حياة الإنسان وتقليل الطلب على المياه والطاقة.
ويعتمد المشروع على توليد ثلاثي للكهرباء والمياه وتبريد المسطحات، وجرى عمل نموذج أولي للعمل على النحو التكاملي، واختباره كوحده تجريبية ثلاثية التوليد، تقوم بإنتاج 10 كيلوواط من الكهرباء وتحلية 1 متر مكعب في اليوم من المياه، وتبريد ما يعادل 10 كيلو واط حمل تبريدي.
وتوضح منى أن المشروع يركز أيضا على تحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة SDGS 2030، وخاصة الأهداف التالية:
- الهدف الثالث الهادف للوصول إلى الصحة الجيدة والرفاهية.
- الهدف السادس المتصل بالمياه النظيفة والصرف الصحي،
- الهدف السابع الذي يركز على توفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة.
- الهدف الحادي عشر المتصل بالمدن ومجتمعات محلية مستدامة،
- وأخيراً الهدف رقم 13 المتصل بالعمل المناخي.
وتقول: "راعينا أن يكون المشروع مستدام، فالهدف الذي من أجله جرى التعاون بيننا وبين باحثين من الخارج هو تطوير استغلال الطاقة الحرارية الشمسية واستعادة الحرارة المفقودة واستخدامها في عملية تحلية المياه"
وترى أن هناك أمل في التوسع أن يشكل المشروع مناطق أخرى في العالم تعاني من أزمة طاقة. " يمكن استخدام هذا النهج المتكامل في المناطق القاحلة الأخرى حيث تكون المياه المتاحة للشرب غير جيدة أو صالحة للشرب حتى باستخدام الطرق التقليدية، يخطط الفريق البجثي المشترك من جامعة كرانفيلد و الجامعة اليابانية E-JUST لمواصلة التعاون بعد نهاية هذا المشروع من خلال ما يلي: - التقدم بطلب للحصول على تمويل مشترك إضافي، للتوسع وحتى يمكن نشر المشروع في أماكن متعددة".